تفاصيل المنتج
وكان بها عدا ذلك ضروب من البضائع، فعلى مقربة منها "الخط" المشهورة برماحها. وفي "رياض الصالحين ص٤٤٩" أن سويد بن قيس قال: "جلبت أنا ومخزمة العبدي بزا من هجر, فجاء النبي -صلى الله عليه وسلم- فساومنا سراويل" فأنت ترى أنه يجلب منها بز يباع في المدينة. وكان كسرى يرسل إلى سوق هجر من تجاراته: يرسل إليها لطائم فيها الطيب فيباع فيها, ثم ترجع موقرة عروضا وتمرا. وحدث مرة أن أغارت بنو تميم على لطيمة لكسرى فيها مسك وعنبر وجوهر كثير, فأرسل جيشا أوقع بهم فأخذ الأموال وسبى الذراري بمدينة هجر, وسميت تلك الوقعة "يوم الصفقة"١. ولعل نفوذ كسرى في هذه السوق كان غير ضئيل.تقصد العرب هذه السوق بعد انفضاضهم من سوق دومة الجندل، فإذا أهلّ ربيع الآخر انتقلوا إليها فقامت سوقها. وينظر في أمرها المنذر بن ساوى أحد بني عبد الله بن دارم، يتولى أمرها ويعشر الناس فيها، وهو ملك البحرين عامة.
نفسه فقال: "إنه لريَّان، والله لا يشرب ماء حتى يرد ربيب" "وربيب هذا جمل كان لعمرو بن مالك، وكان يتناول الدِّهاس من أجواف هجر فيرعى فيها غبا بعد عشر في حمارّة القيظ" فأشفق إخوان عمرو من هذا القسم وخافوا أن يزيد الشر بين الحيين إن هلك مهلهل، فأسرعت ركبانهم وخرجت في طلب البعير ربيب، وهم حراص على ألا يقتل مهلهل، فلم يقدروا على البعير حتى مات مهلهل عطشا, ونحر عمرو يومئذ ناقة مسنة فأسرج جلدها على مهلهل وأخرج رأسه.وهكذا ذهب مهلهل من جراء نشوة من خمر هجر١، وكم أفقدت الخمر الناس رءوسهم وسادتهم، وكم كانت نذير الشر والشؤم منذ الزمن الأقدم، فلنذكرنّ هجر وخمرها، وهذه الميتة الروائية كلما ذكرنا المهلهل وما رقق من شعر.تهبط العرب هذه السوق ولعلها كانت أكثر مكانة من دومة الجندل؛ لأنها فرضة يجدون فيها من أصناف التجارات التي يأتيهم بها تجار الهند وفارس ما لا يجدون في تلك، ولأن بها من التمر ما طبقت شهرته الآفاق، وضرب في الجودة مثلا في البلاد، وليس ذلك بقليل.
ولهجر شأن آخر في آداب اللغة العربية غير هذا المثل المضروب وتلك القاعدة النحوية، إذ في دِهاسها١ هلك المهلهل، أول من هلهل الشعر وأرق نسجه، مات عطشا في حمارّة القيظ "الأغاني ٦/ ١٢٨". ومن الغريب أن سبب موته هو خمر هجر هذه: وذلك أن عمرو بن مالك ومهلهلا التقيا في خيلين من غير مزاحفة في بعض الغارات بين بكر وتغلب، فانهزمت خيل مهلهل وأدركه عمرو بن مالك فأسره, فانطلق به إلى قومه وهم في نواحي هجر، فأحسن إساره، ومر عليه تاجر يبيع الخمر، قدم بها من هجر وكان صديقا لمهلهل يشتري منه الخمر، فأهدى إليه وهو أسير زق خمر، فاجتمع إليه بنو مالك فنحروا عنده بكرا وشربوا عند مهلهل في بيته -وقد أقرد له عمرو بيتا يكون فيه- فلما أخذ منهم الشراب تغنى مهلهل فيما كان يقوله من الشعر وينوح به على كليب، فسمع ذلك عمرو بن مالك وهاج تغنّيه كامن الغيظ في
أضف تقييمك